قضية تعذيب داخل قسم شرطة

«المصري اليوم» تنشر أطول تحقيقات في قضية تعذيب داخل قسم شرطة

كتب محمود عبد الوهاب ١٩/٤/٢٠٠٨

حصلت «المصري اليوم» علي نص التحقيقات في قضية تعذيب مواطن داخل حجز قسم شبرا، تولي ٥ رؤساء ومديرو نيابة القاهرة التحقيق فيها لمدة ٥ سنوات، انتهت التحقيقات بإحالة ٣ ضباط وأمين شرطة إلي محكمة الجنايات بتهمة تعذيب محتجز حتي الموت،
أكد المتهمون في التحقيقات أن الضحية أصيب بحالة هياج وضرب رأسه في «مصطبة» بالحجز، بينما أكد تقرير الطبيب الشرعي وجود سحجات وكدمات وأثار صعق بالكهرباء أدت إلي وفاة الضحية. بين أقوال المتهمين وسماع شهادة الطبيبة واتهامات شقيق الضحية تواصل محكمة الجنايات نظر القضية في ١ مايو المقبل.
بدأت التحقيقات في قضية وفاة مصطفي لبيب حمدان داخل حجز قسم شبرا في الأول من يوليو ٢٠٠٢، واستمرت حتي نهاية عام ٢٠٠٧، وربما تكون القضية هي الأطول في مدة التحقيق تحمل السطور التالية تفاصيل المحضر الذي حرره الضابط، ومذكرة الطبيبة الشرعية، وأقوال الضباط وأمين الشرطة المتهمين، والاتهامات الموجهة من شقيق الضحية.
سطر الضابط عبدالعزيز العبد في محضره بأنه حال تواجده بنوبتجية القسم تبين أن المتوفي في حالة تشبه فقدان الوعي فجر يوم ٣ يوليو ٢٠٠٢، استدعي سيارة الإسعاف لنقله إلي مستشفي شبرا العام.
ووصل الضحية جثة هامدة، وبالكشف الطبي وجد به أثار سحجات وكدمات بالوجه والظهر والبطن والصدر وجرح سطحي بالظهر.
وبسؤال عدد من المحتجزين أكدوا في محضر جمع الاستدلالات أن المتوفي كان من ضمن المحتجزين بحجز قسم شبرا، وأنه قبل وفاته بيومين انتابته حالة من الهياج وأخذ يكبر ويرش زملاءه بالماء، ووقف فوق «المصاطب» الموجودة بالحجز وألقي بنفسه علي الأرض عدة مرات.
وأضاف المحتجزون - في محضر الضبط - أن الضحية كان يتعاطي مواد مخدرة عبارة عن أقراص «صراصير»، يقوم بطحنها واستنشاقها، إلا أنه قبل وفاته بيوم انتهي ما معه من مواد مخدرة، ولذلك انتابته حالة الهياج.
وقال عدد من المحتجزين إن الضحية كان يجري داخل الحجز ويصدم رأسه في الحائط وتدخل ٤ أمناء شرطة للسيطرة عليه وقيدوه من الخلف بقيد حديدي، إلا أن المتهم قام بإخراج فضلاته حتي لا يقترب منه أفراد الشرطة.
أحال اللواء مدير أمن القاهرة «حين ذاك» المحضر إلي نيابة حوادث شمال القاهرة للتحقيق. انتقل وكيل من النيابة لمعاينة الجثة، وتبين له وجود أثار صعق بالكهرباء وسحجات وجروح سطحية وكدمات بمناطق مختلفة من الجسم، فأمر بانتداب الطبيب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة.
وتولت الدكتورة نهي صادق السيد «طبيب شرعي» تشريح الجثة وأعدت تقريرها، وسلمته إلي النيابة، وجاء فيه أن السبب الأساسي والنهائي للوفاة، هو الصعق بالكهرباء، وما أدي إليه من توقف المراكز الحيوية بالمخ وتوقف القلب والتنفس.
وأضافت الطبيبة في مذكرتها أنها توصلت من تشريح الجثة إلي وجود كدمات بالعينين وبالأنف والظهر والإلية اليسري، وكذا كدمات بالوجه والصدر والبطن وتبين وجود سحجات متكررة ملتفة حول الرسغ الأيمن وأسفل الساعد الأيسر وسحجات باليدين والركبتين وخدوش بالظهر وكدمات بالمنطقة العارية فوق القلب وبطرف القضيب.
وعن سبب حدوث الإصابات المبينة بالجثة، أكدت الطبيبة أنه بالنسبة للكدمات الموصوفة بالأنف والظهر والإلية اليسري هي إصابات تحدث من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة.
أما بالنسبة للكدمات أسفل العينين فتحدث نتيجة الضرب بقبضة اليد، وبالنسبة للسحجات الموجودة حول الرسغ الأيمن فيمكن أن تحدث نتيجة الاصطدام بالأرض أو المصطبة أو الحائط،
وبالنسبة للسحجات الملتفة حول الرسغ الأيمن وأسفل الساعد الأيسر فيمكن أن تحدث من التقييد، وعن الإصابات الموجودة بالظهر والبطن فهي نتيجة الاصطدام بجسم صلب رفيع مثل الدبابيس وحطام الموسي أو سكين أو أي جسم صلب مرن مثل العصا والخرازن،
وبشأن التقدد الموصوف بالجلد أسفل الأذن اليسري ويسار الصدر في المنطقة العارية للقلب ومقدم القضيب وبالقدم اليسري فهي تشير شكلها وطبيعتها وأبعادها إلي أنها حروق كهربائية حدثت من ملامسة الجسم لجسم أو أجسام مكهربة.
وردت الطبيبة علي سؤال وجهه لها المحقق: بما تعللي حدوث تلك الإصابات؟ مؤكدة أنه نظراً لوجود تنوع في الإصابات وتعددها ووجودها في أماكن مختلفة من الجسم ناتجة عن العصا والخرزان، فكل ذلك يشير إلي حدوث تعد علي المتوفي.
وشرحت الطبيبة ما جاء بمحضر التحريات من أقوال شهود من أن المتوفي تم تعليقه علي النافذة الموجود بها مولد الكهرباء لتأديبه لتعديه علي مأمور القسم ومجموعة من الضباط بالسباب والشتم وذلك بأن تم تقييد يديه من وراء ظهره وربطه بأحد الأسياخ الحديدية الخاصة بالنافذة بحيث يتدلي جسده وتكون أطراف أصابعه ملامسة تقريباً للأرض ويكون حمل جسده الأكبر علي يديه من الخلف قالت الطبيبة.
في هذه الحالة يجب التفرقة بين حالته الأولي وهي حالة كون الشخص المعلق مازال حياً وفي هذه الحالة يمكن إثبات تعرضه للتعليق عن طريق رسم توصيل الأعصاب لفحص حركات مفصل الكتف أو في حالة وجود خلع يد أمابالنسبة للحالة الثانية وهي حادثة
وفاة ذلك الشخص فإنه لا يمكن الجزم بذلك في حالة وجود خلع بالكتف ومقترن بأثار تقييد باليدين مع ملاحظة أن حالة الخلع لا يشترط وجودها كنتيجة للتعليق فمن الممكن حدوث تعليق لشخص ويظهر أثار التغيير ولكن لا يؤدي ذلك التعليق إلي خلع في الكتف خاصة إذا كان الشخص قوي البنية مثل حالة المتوفي مصطفي لبيب حمدان.
ونفت الطبيبة وجود أثار كحوليات أو تعاطي مخدرات في العينة التي أخذتها من الجثة.
وأكملت النيابة تحقيقاتها بأن استمعت لعدد آخر من المحتجزين في القسم مع الضحية، فاكتشفت النيابة وجود تناقض مع ما قاله عدد من المحتجزين في محضر التحريات، أكد عدد من المحتجزين أنه قبل وفاة الضحية بيومين، اصطحبه أمين الشرطة عبدالعزيز وآخرون إلي خارج الحجز، لساعات طويلة، وكان يعود إليهم مصاباً بإعياء وكدمات في الرأس وسحجات بمناطق متفرقة وفاقداً الوعي..
وفي ليلة وفاته خرج ولم يعد إليهم مرة ثانية، فيما أكد عدد آخر من المحتجزين ما قالوه في محضر التحريات في أن المتهم أصيب بحالة هياج وأخذ يضرب رأسه في الحائط والمصطبة.
وبسؤال شقيق الضحية اتهم مأمور القسم العقيد فرج غريب محمود والمقدم خالد موسي والرائد عبدالعزيز محمد وأمين الشرطة أنور سعد بالتسبب في وفاة شقيقه، استمرت التحقيقات منذ ١١ يوليو ٢٠٠٢،
وانتهت في أغسطس ٢٠٠٧، وقرر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام إحالة القضية إلي محكمة الجنايات.